التغير المناخي في القرن الواحد والعشرين غير اعتيادي وهو يسير بمعدل لم تشهده البشرية على مدى آلاف السنين لأنه نتيجة للأنشطة البشرية التي بدأت منذ منتصف القرن التاسع عشر التي أصدرت الغازات الجوية التي فاقمت من مشكلة الاحتباس الحراري وارتفاع حرارة الأرض. ومن النتائج المترتبة ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي، وحدوث تغييرات واسعة فيه الى جانب المحيطات والغلاف الجليدي والمحيط الحيوي.
وقد اثبت فحص عينات الجليد المأخوذة من جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية والأنهار الجليدية في الجبال الاستوائية أن مناخ الأرض يتغير بناء على التغيرات في مستويات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي. كما وجدت أدلة قديمة في الأشجار، ورواسب المحيطات، والشعاب المرجانية، والصخور الرسوبية. تلك الأدلة القديمة تظهر أن الاحترار الحالي يحدث بسرعة أكبر بنحو 10 مرات من متوسط معدل الاحترار بعد العصر الجليدي. كما أن ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الأنشطة البشرية يتزايد بسرعة عالية تقدر بنحو 250 مرة أكثر مما كان عليه من بعد العصر الجليدي الأخير.
وقد ارتفعت درجة حرارة سطح كوكب الأرض بنحو درجتين فهرنهايت (درجة مئوية واحدة) منذ أواخر القرن التاسع عشر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والأنشطة البشرية الأخرى. وقد حدث معظم الإرتفاع في السنوات الأربعين الماضية، وكانت السنوات السبع الأخيرة هي الأكثر دفئًا. بينما تم قياس عامي 2016 و2020 ووجد انهم الأكثر دفئًا على الإطلاق.
عملت المحيطات كسد تلقى قدراً كبيراً من هذه الحرارة المتزايدة، حيث قاس العلماء على ارتفاع أعلى من 100 متر (حوالي 328 قدماً) من المحيطات ارتفاعاً في درجة الحرارة بمقدار 0.67 درجة فهرنهايت (0.33 درجة مئوية) منذ عام 1969. ووجدوا ان 90% من الطاقة الزائدة يتم امتصاصها في المحيطات.
وفي الجبال الجليدية في جرينلاند والقارة القطبية الجنوبية، أظهرت البيانات أن جرينلاند فقدت في المتوسط 279 مليار طن من الجليد سنويًا بين عامي 1993 و2019، بينما فقدت القارة القطبية الجنوبية حوالي 148 مليار طن من الجليد سنويًا وأن الأنهار الجليدية تنحسر في كل مكان تقريبا حول العالم بما يشمل جبال الألب، والهيمالايا، وجبال الأنديز، وجبال روكي، وألاسكا، وأفريقيا.
كما أظهرت الأقمار الصناعية إنخفاض في كمية الثلوث في فصل على مدى العقود الخمسة الماضية وأن الثلج يذوب في أوقات مبكره.
بينما ارتفع مستوى سطح البحر العالمي بنحو 8 بوصات (20 سنتيمتراً) في القرن الماضي. أما في العقدين الماضيين فقد إرتفع ليكون ضعف المعدل في القرن الماضي تقريباً، ومازال يتسارع قليلاً كل عام.
وقد أثر الإحتباس الحراري على حجم وسمك الجليد البحري في القطب الشمالي بشدة خلال العقود القليلة الماضية.
كما أنه تزايدت أعداد حالات ارتفاع درجات الحرارة القياسية في الولايات المتحدة، في حين تناقص عدد حالات انخفاض درجات الحرارة القياسية، منذ عام 1950. ومنذ بداية الثورة الصناعية، إرتفعت حموضة مياه المحيطات السطحية بنحو 30% ويرجع هذا الارتفاع إلى انبعاث المزيد من ثاني أكسيد الكربون من البشر في الغلاف الجوي، وقد امتص المحيط ما بين 20% إلى 30% من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي حدثت صنع الإنسان في العقود الأخيرة (7.2 إلى 10.8 مليار طن متري سنويًا).
تأُثيرات التغير المناخي
بعض التغيرات المناخية مثل الجفاف وحرائق الغابات وهطول الأمطار الغزيرة) أصبحت تحدث بشكل أسرع مما كان العلماء يقدرونه، فلم يسبق للإنسان الحديث أن رأى التغيرات الملحوظة في المناخ العالمي بهذا الشكل حيث أن بعض هذه التغيرات لا رجعة فيها على مدى مئات إلى آلاف السنين القادمة. كما يؤمن العلماء بدرجة كبيرة أن درجات الحرارة العالمية ستستمر في الارتفاع لعقود عديدة، ويرجع ذلك إلى إنبعاث الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي الناتجة عن الأنشطة البشرية.
كما يتوقع العلماء أن تزداد شدة العواصف ومعدلات هطول الأمطار مع ارتفاع درجة حرارة المناخ وأن تصبح موجات الجفاف وموجات الحرأكثر شدة، وأن تصبح موجات البرد أقل شدة وأقل حدوثاً.
يزيد التغير المناخي إطالة موسم حرائق الغابات في الأمريكتين ، حيث يؤدي الجفاف الطويل في المنطقة إلى زيادة خطر الحرائق. ويقدر العلماء أن تغير المناخ الناجم عن الإنسان قد ضاعف بالفعل مساحة الغابات المحروقة في العقود الأخيرة. وبحلول عام 2050 تقريبًا، من المتوقع أن تزداد مساحات الأراضي التي تستهلكها حرائق الغابات بمقدار يتراوح بين ضعفين وستة أضعاف. وحتى في المناطق الممطرة ، من المتوقع أن تزيد حرائق الغابات بنحو 30٪ في السنة.
يؤدي تغير المناخ الى تغير في شكل غير متساوي على هطول الأمطار والثلوج في الولايات المتحدة، حيث تشهد بعض المواقع زيادة في هطول الأمطار والفيضانات، بينما تعاني مناطق أخرى من الجفاف. وفي المتوسط، من المتوقع هطول المزيد من الأمطار في الشتاء والربيع في شمال الولايات المتحدة على مدار هذا القرن. كذلك تزايد طول الموسم الخالي من الصقيع، وموسم النمو المقابل له، منذ ثمانينيات القرن العشرين، وكانت أكبر الزيادات في غرب الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يستمر إطالة أمد موسم النمو في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مؤثراً على النظم البيئية والزراعة.
وكان صيف عام 2023 هو الصيف الأكثر سخونة على الإطلاق على الأرض، حيث كان أكثر دفئًا بمقدار 0.41 درجة فهرنهايت (0.23 درجة مئوية) من أي صيف آخر، وأكثر دفئًا بمقدار 2.1 درجة فهرنهايت (1.2 درجة مئوية) من متوسط الصيف بين عامي 1951 و1980.
الغازات التي تسببت في حدوث التغير المناخ
على مدى القرن الماضي، أدى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط إلى زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وتحدث هذه الزيادة لأن عملية حرق الفحم أو النفط تجمع بين الكربون والأكسجين في الهواء لتكوين ثاني أكسيد الكربون. كذلك أدى تطهير الأراضي للزراعة والصناعة وغيرها من الأنشطة البشرية إلى زيادة تركيزات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي.
1 – ثاني أكسيد الكربون
يعتبر ثاني أكسيد الكربون (CO2) أحد المكونات الحيوية للغلاف الجوي، ويتكون من خلال العمليات الطبيعية (مثل الانفجارات البركانية) ومن خلال الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود الأحفوري (البنزين) وإزالة الغابات.
2 – الميثان
مثل العديد من الغازات الجوية، يأتي الميثان من مصادر طبيعية ومصادر من صنع الإنسان. يتكون الميثان من تحلل المواد النباتية في الأراضي الرطبة وينطلق أيضًا من مكبات النفايات وزراعة الأرز. تطلق الحيوانات الميثان من عملية الهضم والسماد. كذلك تعد التسربات الناتجة عن إنتاج الوقود الأحفوري مصدرًا رئيسيًا آخر للميثان، ويتكون الغاز الطبيعي من 70% إلى 90% من الميثان.
3 – أكسيد النيتروز
يتكون أكسيد النيتروز، وهو غاز مسبب للتغير المناخي قوي ينتج عن الممارسات الزراعية، أثناء إنتاج الأسمدة العضوية والتجارية واستخدامها. يأتي أكسيد النيتروز أيضًا من حرق الوقود الأحفوري وحرق النباتات وقد إزداد في الهواء بنسبة 18% في المائة عام الماضية.
4 – مركبات الكلورو فلورو كربون
هذه المركبات الكيميائية لا توجد في الطبيعة فهي ذات مصدر صناعي بالكامل. وقد استخدمت كمبردات ومذيبات وفي علب الرش.
5 – بخار الماء
يعد بخار الماء أكثر الغازات المسببة للاحتباس الحراري ، حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة المحيط إلى زيادة كميته في غلاف الأرض الجوي.